منتدى الشعر الفصيح</STRONG>
نادي أمراء البيان
</STRONG>
اخترت لكم اليوم وعلى خلاف العادة (قصائد من عيون الشعر العربي) وصية الشاعر الكبير
أبي تمام الطائي لتلميذه الشاعر البحتري في قرض الشعر وصناعته، وهي وصية صالحة لكل من
يريد النبوغ في الشعر ونظمه على أحسن وجه لصقل موهبته، انتقبتها من كتاب "زهر الآداب
وثمر الألباب" للحصري القيرواني
إليكم الوصية:
وقال الوليد بن عبيد البحتري: كُنْتُ في حَدَاثَتي أرُومُ الشِّعْرَ، وكنتُ أرْجِعُ فيه إلى طبْعٍ،
ولم أكُنْ أقِف على تسهِيل مَأْخَذِهِ، ووجوه اقتضابه، حتى قصدْتُ أبا تمام، وانقطعت فيه
إليه، واتكَلْتُ في تعريفه عليه؛ فكان أول ما قال لي: يا أبا عُبَادة؛ تخير الأوقاتَ وأنت قليلُ
الهموم، صِفْرٌ من الغموم، واعلم أن العادةَ جرت في الأوقاتَ أن يقصد الإنسانُ لتأليف شيءً
أو حِفْظِه في وَقْتِ السَّحَر؛ وذلك أن النَّفْسَ قد أخذَتْ حظها من الراحة، وقِسْطَها من
النوم، وإن أردتَ التشبيب فاجعل اللفظ رشيقاً، والمعنى رقيقاً، وأكْثِر فيه من بيان
الصَّبابة، وتوجُّع الكآَبة، وقلق الأشواق، ولَوْعَة الفراق، فإذا أخذتَ في مديح سيّد ذي أيادٍ
فأشْهِر مناقبَه، وأظهر مناسبه، وأبِنْ معالمه، وشَرِّفْ مقامه؛ ونَضِّدِ المعاني، واحذر المجهولَ
منها، وإيَّاك أن تَشين شِعْرَك بالألفاظ الرديئة، ولتكن كأنك خيَّاط يقطع الثيابَ على مقادير
الأجساد. وإذا عارضك الضجَرُ فأَرحْ نفسَك، ولا تعمل شعرك إلاّ وأنْتَ فارغُ القلبِ،
واجعل شهوتَكَ لقولِ الشعر الذريعةَ إلى حسن نظمه؛ فإن الشهوة نِعْمَ المعين، وجملةُ الحال أنْ
تعتبر شعرَك بما سلف من شعر الماضين، فما استحسن العلماءُ فاقصده، وما تركوه
فاجتنبه، ترشد إن شاء اللّه.
قال: فأعملت نفسي فيما قال فوقفت على السياسة.
هنا انتهت نص الوصية ويمكن ان نستنتج كخلاصة:
1- اختيار الوقت المناسب للقرض، وذلك لأهمية الحالة النفسية في الإبداع، فالعامل الأول هو
خلو البال من الهموم والمشاكل والعامل الثاني هو خلو الجسم من التعب والإرهاق.
2- تناسب المعاني والمباني لغرض القصيدة وموضوعها.
3- اجتناب الغامض من المعاني والرديء من المباني.
4- عدم التكلف في صناعة الشعر، بل الرغبة هي المحرك الأساسي إلى النظم.
5- الاقتداء بما سنه الشعراء الأوائل، وما تقتضيه الذائقة العامة للعرب.
أرجو أن أكون وفقت في النقل والإفادة</SPAN>